الحرب ضد الخرافة والتفكير اللا علمى لابد أن تكون مفتوحة على كل الجبهات، وكما رأينا تيارات إسلامية تتبنى أفكاراً تفتقر إلى أى منطق علمى، كذلك وجدنا تيارات مسيحية ترتكب الخطيئة الفكرية نفسها.. ووصلتنى عدة رسائل من د. هانى كمال فرنسيس، وهو طبيب مسيحى من المنيا.. الرسائل تفند بذكاء ومنطق بعض الأفكار التى تخاصم العلم، والتى يتبناها - للأسف - بعض رجال الدين المسيحى، وسأحاول اختيار رسالتين: الأولى ينتقد فيها رفض الأنبا بيشوى نقل الدم بعد التناول فى الكنيسة لأن الدم بعدها يكون دم المسيح، والثانية ينتقد فيها الأب مكارى يونان الذى صرح فى برنامج تليفزيونى بجواز حمل الفتاة من شيطان! وهكذا اختلف المسلمون والمسيحيون المصريون وجمعهم شىء واحد وهو التفكير الخرافى، الخرافة صارت الحصن المصرى الذى لن تهدمه أى فتنة طائفية!

يقول د. هانى فى رسالته الأولى: «سؤالى للأنبا بيشوى، هل يوجد فرق بين دم مسيحى متناول حالاً ودم مسيحى آخر غير متناول؟! هل يحدث تغيير فى التركيبة الكميائية لدمنا بمجرد التناول؟! هل توجد مادة معينة نكتشف وجودها فى الدم بأن هذا الشخص تناول فى هذا اليوم؟! وبصراحة أجبنى: أحقاً يتم تغيير دمنا بالتناول إلى دم المسيح ويصبح الذى يجرى فى عروقنا دم المسيح وليس دم بشريتنا، فأنت هنا تخشى على دم المسيح وليس على دمائنا؟! وهل يحدث هذا التغيير فى دم الرجال المتناولين فقط أم فى دم الإناث المتناولين أيضاً؟ ودعنى أسألك أيضاً؟ ما المعنى الحقيقى لخلع جسم خطايانا بالمعمودية وأيضاً بالمعمودية نلبس المسيح؟

هل يطرأ على أجسادنا أى تغيير؟ هل يتبدل جلدنا مثلما يحدث مع نمو بعض الزواحف والثعابين فتنسلخ من جلدها القديم الضيق تاركة إياه فى جحرها حين ينمو لها جلد آخر جديد يسمح بنموها؟.. والسؤال مازال قائماً: منذ أن كان المسيح معنا على الأرض، هل يحل صنع الخيرات – التبرع بالدم لإنقاذ حياة إنسان – فى يوم الرب – يوم التناول؟ ماذا كان رد يسوع؟ هل لا ينقذ الرجل حماره لو وقع فى حفرة فى يوم الرب أم يتركه يموت؟!

هل ينتظر المصاب المحتاج لنقل دم بداخل غرفة العمليات مفتوح الجرح لحين انقضاء فترة (العدة الإيمانية) التى لا نعرف ما هى مدتها ومتى تنتهى حتى يسمح للإنسان بالتبرع بدمه لإنقاذ أخيه المصاب؟.. وهكذا أصبح للتناول أيام يقال عنها (أيام عدة) يجب على المتناول مراعاتها وصونها وحسابها والبقية تأتى!!!».

يستكمل د. هانى فرنسيس دفاعه عن التفكير العلمى ويطرح أسئلة الحمل الشيطانى على الأب مكارى يونان، قائلاً: «كيف أمكن لـ(أبونا) التأكد من بذور هذا الحمل الشيطانى؟ هل عمل تحليلاً؟ ماذا كانت النتيجة؟ هل عمل أشعة تليفزيونية على رحم الفتاة فرأى شيطاناً بداخل رحمها، ما شكله وما حجمه؟ وما نوعه؟

وهل يمكن معرفة ماذا نسمى هذا المخلوق العجيب الذى نصفه إنسان ونصفه شيطان، هل نسميه عفريتاً، ماذا يُكتب فى شهادة الميلاد؟ من أمه ومن أبوه؟ وهل يمكن أخذ عينة منه ونعرف منها DNA عالم الشياطين؟ أين هؤلاء الأطفال أولاد إبليس ناتج هذا الحمل، هل هم فى الأرض مع أمهاتهم أم فى الجحيم مع إبليس أبيهم؟».

ويختتم د. هانى فرنسيس خطابه بصرخة فيقول: «إننى لا أستكثر أن يصل بنا مقامنا العلمى إلى هذا الحد، لأننا تركنا عقولنا وإدراكنا إلى موضة العصر من فوضى الفتاوى على الجانبين، وسيحدث لنا تخلف أكثر من هذا إن لم نفق من هذه اللوثة والدروشة الدينية ونضع كل شىء فى مقامه، فالعلم مقامه خدمة جسم الإنسان، والدين مقامه خدمة روح الإنسان، ولابد من وقفة ضمير حى واعٍ ليوازن ويجمع بين الاثنين ألا وهما العلم والإيمان».